اختاري طريقة الولادة بنفسك.. مبادرة لوقف الولادة القيصرية
تختلف الولادة القيصرية غير المبررة طبيا مضاعفات تعانيها الأم والجنين على المدى الطويل، “بالنسبة للأم، هذه عملية كبيرة وبالتالى لابد من الخضوع لعملية تحت تأثير مخدر، وللتخدير مضاعفات، كما أن الأم لا تتحرك خلال فترة ما بعد العملية و بالتالي يمكن أن تحدث لها جلطات ، كما أنه من الممكن أن يدخل جزء من السائل الأمنيوسي على الأوعية الدموية ويسبب جلطة، و يمكن أيضا أن تتعرض الأم لنزيف شديد أثناء الولادة و هو ما قد يعرضها للإصابة بمرض الأنيميا فيما بعد. و على المدى الطويل، بالخضوع لعملية ولادة قيصرية نكون قد حكمنا على رحم الأم بالضعف نتيجة الجرح الذى يتم فتحه في الرحم والأنسجة عموما خلال عملية الولادة القيصرية”.
أطلقت مي قبل سنة مبادرة عبر موقع التواصل الاجتماعي – فيسبوك – بعنوان “أوقفوا الولادة القيصرية غير المبررة طبيا”،حيث يتابعها أكثر من 12 ألف شخص من مختلف أرجاء العالم.
وتقول مي “أثناء الحمل زرت أكثر من طبيب وكانوا في معظم الوقت يدفعونني باتجاه الولادة القيصرية لأسباب بعضها ذكورية باعتبار أن الولادة الطبيعية قد تؤثر على العلاقة الجنسية للمرأة بعد الولادة إذ يحدث شق في منطقة المهبل يسمى “شق العجان”وهو ما قد يؤثر على الإشباع الجنسي لدى الرجل. وأحيانا ما كانوا يشجعونني على الولادة القيصرية باعتبارها أسهل وأقل ألما من الولادة الطبيعية”.
أصرت مي على الولادة بشكل طبيعي وهو ما شجعها عليه الطبيب الثالث الذي تولى مساعدتها في المراحل الأخيرة للوضع، وذلك بعد أن أمضت وقتا طويلا في القراءة عن كل من الولادة الطبيعية و القيصرية و مزايا وعيوب كل منها، واختارت الولادة الطبيعية بعد دراسة فوائدها والتأكد من عدم حاجتها للولادة القيصرية طبيا.
و أكد أكثر من طبيب مختص في مجال النساء والتوليد تواصلت بي بي سي معهم عدم صحة الإدعاء بأن الولادة الطبيعية تؤثر على الحياة الجنسية للمرأة، خاصة أن الاتساع الذي يحدث في منطقة المهبل لتسهيل ميلاد الطفل يكون بشكل مؤقت خلال عملية الوضع فقط.
يعد تشجيع النساء على الولادة القيصرية دون حاجة طبية أمرا شائعا في كثير من دول العالم ومن بينها مصر.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن الولادة القيصرية باتت الأكثر انتشارا حول العالم وأن الولادة الطبيعية باتت هي الاستثناء، الأمر الذى يهدد حياة ملايين النساء و الأطفال إذا ما تم إجراء هذه الجراحة دون حاجة طبية إليها.
وحددت المنظمة نسبة 15 في المئة كحد أقصى لعدد الولادات القيصرية في أي بلد، لكن معظم دول العالم تجاوزت هذا الحد.
فبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية، تضاعفت معدلات الولادة القيصرية حول العالم 3 مرات خلال 3 عقود .
فقد ارتفعت معدلات الولادة القيصرية حول العالم من 7 في المئة خلال عام 1990 إلى 21 في المئة عام 2021 ، وهو ما يعنى أن واحدا من كل خمسة أطفال حول العالم يولد عبر جراحة قيصرية.
وتحتل مصر المرتبة الرابعة عالميا في عدد الولادات القيصرية بحسب منظمة الصحة العالمية.
ووفقا لأحدث مسح لمنظمة الصحة العالمية، فإن الدول الخمسة الأعلى من ناحية معدلات الولادة القيصرية هي: الدومنيكان بنسبة 58.1 في المئة، والبرازيل بنسبة 55.7 في المئة وقبرص بنسبة 55.3 في المئة ومصر بنسبة 51.8 في المئة، تليها تركيا بنسبة 50.8 في المئة.
ويتفق هذا المسح تقريبا مع النسب التى أعلنت عنها وزارة الصحة المصرية في المسح الصحي الأخير خلال عام 2014.
وأشار مسح لوزارة الصحة إلى أن نسبة الولادة القيصرية في مصر بلغت 50 في المئة تقريبا، وهو ما يعنى أن 5 من كل 10 سيدات مصريات تلدن عبر جراحة قيصرية.
ويحقق الأطباء أرباحا اقتصادية من جراء تشجيع ملايين النساء حول العالم على الولادة القيصرية دون حاجة طبية ملحة للخضوع لها.
فالولادة القيصرية أغلى ثمنا كعملية، كما أنها توفر وقتا للطبيب ليتمكن من إجراء المزيد من العمليات في اليوم الواحد. كذلك تحقق ربحا للمستشفى التى تجرى فيها العملية وهو ما يمكن ملاحظته من تباين معدلات الولادة القيصرية بين المستشفيات العامة والخاصة. فبحسب الجمعية المصرية لأطباء النساء تستغل المستشفيات الخاصة ارتفاع تكلفة الولادة القيصرية مقارنة بالولادة الطبيعية حيث تصل معدلات الولادة القيصرية فيها إلى 80 في المئة، في حين لا تتجاوز نسبة 40 في المئة في المستشفيات الجامعية.
و تؤكد الدكتورة راندا فخر الدين استشاري أمراض النساء والتوليد لبي بي سي أن هناك حالات تكون فيها الولادة القيصرية ضرورة طبية لا غنى عنها ، وهي كثيرة مثل “أن يكون هناك خطورة من الولادة الطبيعية على الأم أو هناك مانع يمنع نزول الجنين من المسار الطبيعي الخاص به كأن يكون حجم الجنين كبيرا أو رأسه كبير أو حجم الجنين صغيرا أو يكون هناك ورم ليفي يسد عنق الرحم، أو ضيق حوض الأم الحامل”.
لكن بحسب فخر الدين، هناك حالات رمادية يتم فيها اللجوء للولادة القصيرية بدون ضرورة طبية كأن يكون الطبيب مشغولا مثلا و ليس لديه وقت آخر لإجراء هذه العملية، فيدفع الأم للولادة في توقيت معين و لا ينتظر حتى اكتمال مراحل الولادة الطبيعية.